المرأة طرف أساسي في معادلة أي مجتمع اليد الثانية التي بدونها لا يمكن أن تتم عملية التصفيق ورغم انها نصف المجتمع المنتج والمسئول عن التنمية والنهوض به إلا ان واقع الحال يؤكد انه بحكم العادات والتقاليد والموروثات البالية تعتبر من ممتلكات الرجل ومن حقه أن يتحكم في مقاديرها ويضعها تحت وصايته وعندما تحدثه عن رأيه في تولي المرأة المواقع القيادية ومشاركتها السياسية وحقها في خوض الانتخابات النيابية والمحلية تصيبه "ارتكاريا" ويقول: المرأة خلقت لأثواب العرس والنسل والمرأة مكانها الطبيعي هو البيت لتربية أولادها ورعاية زوجها فقط فالمرأة لا تخرج من بيتها إلا ثلاث مرات الأولي من رحم أمها وليدة في هذه الحياة والثانية من بيت أبيها إلي بيت زوجها زوجة والثالثة من بيت زوجها محمولة علي أعناق الرجال إلي قبرها.
هذا هو كلام رجال العصر القديم فهؤلاء لم يقرأوا التاريخ فالمرأة سطرت لنفسها سطوراً مضيئة عندما وقف القائد نابليون بونابرت مخاطباً جنوده قبل النزول بسواحل الإسكندرية ومن علي ظهر السفينة لوريان عام 1798م وأعلن ان النساء المصريات يمثلن قلقاً حقيقياً لما قامت به من أعمال لمساعدة الرجال في المقاومة ولا ننسي السيدة سيزا نبراوي عندما قادت الاحتجاج ضد استخدام الأسلحة النووية والسيدة هدي شعراوي عندما طالبت بمقاطعة البضائع الانجليزية كل هذه المواقف توضح ان المرأة المصرية دائما لها دور إيجابي في ظل الأحداث الجارية.
ليس ذلك فحسب فهناك مصريات أثرين التاريخ النسائي ونذكر منهن نماذج نسائية أثرين التاريخ مثل نفرتيتي التي ساندت اخناتون في دعوته للتوحيد وسافو أول شاعرة في التاريخ وألمع اسم في تاريخ الأدب النسائي وكليوباترا التي أهدت مكتبة الأسكندرية القديمة 1200 كتاب وشجعت الثقافة. وهناك أيضا شجرة الدر التي أخفت وفاة زوجها وواصلت المعركة ضد الأعداء وفي العصر الحديث نجد الروائية الأولي زينب فواز وأم المصريين صفية زغلول التي استكملت مسيرة النضال الوطني بعد نفي سعد زغلول وملك حفني ناصف أول سيدة تحاضر في الجامعة المصرية والتاريخ يذكر لنا نساء لامعات مثل ناهد طه عبدالبر وثريا حافظ وسميرة موسي عالمة الذرة الشهيرة ونبوية موسي وغيرهن الكثيرات ممن أصبحن علامات مضيئة في التاريخ.
ها هي المرأة المصرية فأنا لا أقصد المرأة الجميلة بشعرها الأسود المسدول علي كتفيها بل أقصد المرأة المصرية التي بدا علي وجهها الشاحب عناء الكد والكدح فهي الأم والزوجة والبنت والجارة وحاضنة الرسل والعاملة بتفان واخلاص وعطاء فالفيصل بين الرجل والمرأة في تولي المواقع والمناصب العليا هو الكفاءة والعطاء والقدرة والمقدرة علي إدارة الشئون بحكمة وحنكة ففي عالمنا المعاصر لم يعد ثمة فرق بين المرأة والرجل بعد أن دخلت المرأة التعليم العالي وحصلت علي أعلي التقديرات والدرجات العلمية فعينت المرأة وزيرة ورئيس جامعة وعميدة كلية ومأذونة وعمدة فضلا عن توليها المناصب السياسية الرفيعة مثل الوزارات والمؤسسات والهيئات وغيرها وفي الواقع انه لم يعد أمام المرأة أي مانع يمنعها من الوصول إلي رئاسة الوزراء والقفز بعدها إلي رئاسة الجمهورية فالمرأة فرضت نفسها علي الرجل وتفوقت عليه في مجالات عديدة.
فقد كانت المرأة أيام الفراعنة ملكة عادلة وكانت حاكمة قبل أن تعرف أوروبا معني الحياة والديمقراطية والمرأة أيام الرسول "صلي الله عليه وسلم" كانت لها صولات وجولات وشاركت في الحروب ودعاها الرسول "صلي الله عليه وسلم" إلي علاج الجرحي ومداواتهم ثم شاركت في اصدار الفتاوي الدينية بدعوة منه عندما قال خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء كان يقصد أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وكان صلي الله عليه وسلم يستشير زوجاته في أمور كثيرة ويأخذ برأيهن فالمهم أن تكون المرأة المناسبة علماً وثقافة في المكان المناسب
عندما أعلن مجلس الشعب مؤخراً عن تخصيص 64 مقعداً للمرأة في البرلمان ثارت الثائرة وقامت الدنيا ولم تقعد وأصيب الرجال بارتيكاريا في أجسادهم متناسين دورها عبر التاريخ
والسؤال الان هل توافق كرجل ان يكتسح الرجال الانتخابات ولا تفوز في الانتخابات سوي أربع سيدات ولا تفوز أي امرأة في الأندية والنقابات فهذا لا يليق بالمرأة عدداً ومكانة ولا يليق بدورها في المجتمع فلقد شهدت الحياة النيابية في مصر أسماء عظيمة من السيدات البرلمانيات اللاتي كان لهن دور بارز في الحياة البرلمانية والسياسية أمثال راوية عطية ونوال عامر وفاطمة دياب وبثينة الطويل وغيرهن فالمرأة نصف المجتمع وهذا لا يعني ان المجتمع مقسوم إلي نصفين ولكن مجتمع متداخل لا فرق بين رجل وامرأة كما انه لا فرق بين مسلم ومسيحي وأبيض وأسود.. فكل الدساتير في العالم لا تفرق بين مواطن وآخر علي أساس الجنس واللون والدين فمن حق المرأة أن تفرح اليوم فهي في يوم عيد..
لاشك أن ما فعله مجلس الشعب يعد خطوة جديدة علي طريق الديمقراطية ويعد خطوة علي طريق الإصلاح السياسي للمرأة وفي نفس الوقت سيصحح من وضع المشاركة السياسية للمرأة التي كانت تتعرض لجميع أشكال البلطجة الانتخابية والمنافسة غير الشريفة أمام الرجل فضلاً عن عدم توافر سياسة النفس الطويل للمرأة المصرية أمام القدرات المالية الهائلة للرجال أثناء الدعاية الانتخابية فلم يعد أمام المرأة الآن سوي تدعيم لها من المجلس القومي للمرأة وكذلك جميع الجمعيات النسائية في مصر علي الوقوف بجانب المرأة المرشحة ودعمها ومساندتها من خلال الملصقات والمطبوعات والندوات أثناء الحملة الانتخابية وكذلك الأحزاب السياسية علي اختلاف مشاربها وأنواعها في الوقوف بجانب المرأة فيا أيها الرجل اقرأ التاريخ مرة أخري تجد ان مصر منذ عهد الفراعنة تعطي المرأة حقوقها حتي انها شهدت حكم 6 مليكات.
إن الدين الإسلامي يحث علي إعطاء المرأة حقوقها كاملة كما ان الدول الإسلامية كلها تخصص الكثير من المقاعد للمرأة علي مستوي العالم والدليل علي ذلك المغرب وتركيا وسوريا التي يصل فيها التمثيل من 10% إلي 16% من مقاعد البرلمان لصالح المرأة فالمرأة أيها الرجل نصف المجتمع وهي الساق الثانية للرجل ويجب ان نكون جميعا مع أي تشريع يهم المرأة ويخدم حقوقها... فمبروك لنساء مصر وعليكن من الآن التشمير عن السواعد وطرح البرامج البرلمانية الانتخابية وتجميع الناخبين والناخبات حولكن بالأفكار والخدمات.
وأذكر الرجال بأن رسول الله "صلي الله عليه وسلم" مثلما بايع الرجال في بيعتي العقبة الأولي والثانية بايع النساء وكان ذلك اعترافاً بالحقوق السياسية للمرأة وصلاحيتها للمشاركة في الحياة العامة وغير ذلك يدل علي ضيق الأفق خاصة ونحن نعيش عصور المدنية الحديثة والتي أثبتت المرأة فيها نجاحها في قيادة قطاعات كبيرة من العمل والانتاج فهيا نقول نعم لرحم الأمة في البرلمان.
عدل سابقا من قبل بنوته مصريه في 11/12/09, 09:57 am عدل 1 مرات